الجمعة، 29 يونيو 2012

http://img42.imageshack.us/img42/3623/ooi99977y.jpg 






ذكرى الساعة الواحدة مساءاً

رائحة البكاء تفوح من عينا أخي وهو يحاول أن يحبس تلك القطرات من الهطول .
يرى جسمها الطاهر يطلق أنفاسه الأخيرة ليعلن بداية علاقته بالسماء , ونهاية ارتباطه بهذه الأرض .
الكل تكتسي ملامحه الحزن , و هول الفاجعة وما زال الأمل باقي بأن القدر يخذل تلك الظنون وتبقى أنفاسها عطراً لهذا البيت .

2:00 pm

يهرع الأطفال لصوت خالي الذي يصرخ كطفل صغير , لا ترحلي من لي سواك يفهم عثرتي ؟!
يضم جسمها بعجزه الذي منعه عن الحِراك فلتخبره برودته بأنك تحمل عجزاً فوق عجزك .
توشحت الأعين تلك الحواجز السوداء التي تخفي الحزن خلفها , وبدأ صوت النحيب يعلوا شيئاً فشيء ,
هول الموقف , ورهبة الموت تفرض على الألسن  الصمت , لا شيء سوى البكاء يمطر على تلك الحجرة الصغيرة .

4:00 pm

صوت الأذان يعلو ليخبر بأن الله أكبر من كل شيء , و لا شيء باقي سواه .
تجري طفلتها المدللة في عين التي رحلت لتقترب من جسدها كما تفعل في كل صلاة , تنظر إليها وقد ساد الصمت على ملامح وجهها الراحل , تكبر وخيبة الأمل تلحقها بأن لا تكبيرة سوف تعقب صوتها , فترتمي باكية على ذاك الصدر التي احتوى بكائها دوماً ولكن هذه المرة وقد اسكنه الرحيل .

6:00 pm

تفاصيل الرحيل عميقة , تخرس خناجر الألم بداخلنا , لا شيء أعمق وجعاً برحيل من لا أمل بعودته ولقائه سوى في الجنة .
يغطي ملامح جسدها الأبيض ورائحة العود تفوح بالمكان ليعلوا صوت أحدهم : تعالوا لإلقاء النظرات الأخيرة قبل أن يحتوي الجسد الذي احتواكم تلك السنين التراب .تُطبع القُبلات والدمع يشوبها على جبهتها التي كنّا نستبق في كل مرة نراها لنفوز بالقبلة الأولى منها .

8:00 pm

أيقن الجميع هنا بأن رحيلها أصبح حتميّاً , حتى طفلتها التي أنكرت موتتها في اللحظة الأولى و صرخت بأن الكل يرحل إلا هي !
اللحظة التي ردد الإمام بها : الصلاة على الميتة رحمكم الله .
هنا أُيقن الفقد و رحلة الحنين التي سيأخذنا إليها , ليعود الجميع وهم يخفوا ملامح الأنين التي علت وجهوهم .
ليقول أحد أبنائها بصوت متحشرج :
لا طاقة لي اليوم بأن أبقى وطيفها يحوم حولي في كل أرجاء المنزل , ليجر خطاه وهو يبكي حتى غاب ظله .


اليوم : 

بعدما كان اللقاء يروينا , أصبحنا نتمنى حُلماً ذات ليلة نغفو وقد أرهقنا الشوق إليها فنراها في جنة عدن , تهنأ بنعيم لا ينقطع .
فنرفع للرب ابتهالات الدعاء بأن يجمعنا بها فنعوض فقد السنين الأربع التي مرت ونحن نُعانق طيفها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق